لا يحمل وزير الاعلام الجديد زياد المكاري أية أوهام في ما يتعلق بشؤون وهموم وزارته .لكنه متحمس لعمل "شيء ما" خلال الفترة القصيرة من عمر الحكومة إذا جرت الانتخابات في موعدها المحدد.ذلك أن الحكومة تعتبر مستقيلة في بداية الولاية الجديدة لمجلس النواب في 21 أيار المقبل،ولا يمكن لمرحلة تصريف الأعمال مهما طالت الإنتاج بشكل طبيعي.
هو يعرف أن الظروف صعبة وأن حجم الخلافات ليست قليلة حول الشؤون الإعلامية الهامة، كقانون الاعلام الجديد ،ما يجعل مهمته غير متيسرة،لكنه مصمم على الخوض في غمار هذه المسألة متسلحا بانفتاحه على مختلف القوى السياسية واحترامه لحرية الرأي وصداقاته الواسعة مع الجسم الإعلامي.
كان لقاؤه اليوم مع وفد من مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية برئاسة النقيب جوزف القصيفي واضحا وصريحا.فهو كما يقول ليس إعلاميا ،لكنه مهتم ومتابع جدا لشؤون الاعلام والصحافة ،ويعرف جيدا هموم هذه المهنة بمؤسساتها والعاملين فيها ،وسيحاول ابتداء من اليوم أن يغوص في هذا الغمار باجتماع مع العديد من الخبراء والمعنيين في سباق مع الوقت في محاولة لتحقيق ما يمكن تحقيقه.وعليه أبلغته النقابة أنها تضع خبرتها وتجاربها الطويلة في تصرفه للخروج بما يمكن أن يعزز القطاع الإعلامي ..وأيضا من دون أوهام.
استمع الوزير المكاري باهتمام لأفكار مجلس النقابة،حيث استهل النقيب القصيفي اللقاء بمجموعة من الطروحات التي يمكن أن تسهم في انتشال القطاع الإعلامي من أزمته ومنها:
1- عدم وجود قانون عصري شامل ومتكامل ينظم الاعلام في لبنان، ويكون بديلا من قانون المطبوعات الذي تجاوزه الزمن ويرقى الى العام 1962، علما أن مشروع قانون بهذا الصدد قد انجز بعد إجتماعات دامت سنوات وهو لا يزال في درج لجنة الادارة والعدل النيابية، والمطلوب إطلاق سراحه وإحالته الى المجلس النيابي لمناقشته وإقراره.
2- عدم البت في مشروع القانون الذي يعدل أحكاما في قانون المطبوعات تتصل بانشاء نقابة المحررين، لجهة عصرنتها وتحديثها، وتوسيع قدرتها قانونا على استيعاب كل الفئات العاملة في الاعلام. وحتى الساعة لم تحله الحكومات المتعاقبة الى المجلس النيابي منذ العام 2017.
3- تجاهل الدولة لقطاع الصحافة "الورقية"، والاعلام، وعدم الجدية في التعامل مع المطالب المرفوعة لدفع الضائقة عنهما، وتخفيف الاعباء، وتوفير الحوافز التي تعينهما على الثبات في وجه التحديات، علما أن كلفة هذا الدعم ليست كبيرة، وبالامكان تدبرها باجراءات لا تثقل على الخزينة ولا ترهق المواطن.
4- التهرب من مواجهة التخبط الذي يصيب الاعلام الالكتروني، وعدم تحديد مرجعية قانونية واضحة وقواعد عمل له، والحل يكون من خلال قانون الاعلام الشامل الذي لا نزال ننتظره بفارغ الصبر.
5- ضرورة الخروج من منطق الاعلام الرسمي الى الاعلام العمومي، ليكون لبنان قادرا على صنع إعلام وطني منافس، من دون قيود على الحريات. وهذا يعني التأسيس لشراكة بين القطاع العام الاعلامي والمواطنين، وفق آليات قانونية تستلهم تجارب رائدة في هذا المجال لدى عدد كبير من البلدان ومنها بريطانيا "هيئة الاذاعة البريطانية نموذجا". وبالتالي، فانه يمكن الافادة من الأجهزة الاعلامية الرسمية القائمة (إذاعة، تلفزيون، وكالة وطنية للاعلام، مؤسسة دراسات)، وتطويرها، وإدخالها في منظومة تشاركية مع المواطنين، لانتاج إعلام رائد، موضوعي، وطني يفتح الفرص أمام الزميلات والزملاء، ويحد من هجرتهم وبطالتهم".
أمين صندوق النقابة الزميل علي يوسف وعضو المجلس الزميل وليد عبود اللذان شاركا في إعداد مشروع قانون الاعلام، قدما رؤيتهما في هذا المجال ،وشدد يوسف على فكرة تنشيط الاعلام الرسمي على أبواب الانتخابات بما هو إعلام عمومي يمكنه أن يقدم صورة نقية عن دوره ،وهو الموضوع الذي يوليه الاتحاد الدولي للصحافيين إهتماما بالغا على المستوى الدولي.
وانطلاقا من تجربته السابقة في تلفزيون لبنان ركز مدير العلاقات العامة والاعلام في النقابة الزميل واصف عواضة ، على ضرورة النهوض بتلفزيون لبنان الرسمي ،بدءا بتعيين مجلس إدارة للمؤسسة بعد فراغ مستمر منذ تسع سنوات.
وتحدث أيضا الزملاء نائب النقيب غسان ريفي وجورج بكاسيني ويمنى الشكر غريب عن ضرورة النهوض بقطاع الاعلام ،ووضع كل الإمكانات في سبيل ذلك.
انتهى اللقاء باتفاق على استمرار التواصل بين الوزير والنقابة ،وتمنى المكاري تزويده بالأفكار التي تسهم في تحقيق الغاية المنشودة.
تصريح المكاري
بعد اللقاء قال الوزير المكاري:هذه الوزارة هي بيت نقابة المحررين، وهذه المرة الاولى التي أتعرف بها على رئيسها واعضائها. تطرق اجتماعنا لمشاريع كثيرة للتلفزيون وللاعلام عشية الانتخابات النيابية. ونتمنى ان نكون عمليين قدر الامكان".
اضاف: "اتفقنا على ان نستكمل اجتماعاتنا بشكل سريع لان الوقت داهم والانتخابات اصبحت قريبة، والبلد ليس مرتاحا اعلاميا، وأصغر خبر قد يؤثر عليه سلبا".
القصيفي
من جهته، قال النقيب القصيفي: "تشرفنا، اعضاء مجلس النقابة وانا، بزيارة معالي وزير الاعلام زياد المكاري، اولا لتهنئته بتعيينه وزيرا للاعلام، وبحثنا معه في امور وقضايا على غاية من الأهمية خصوصا على ابواب الانتخابات النيابية، وكيفية تعاطي الاعلام بشكل عام معها، وخصوصا تفعيل دور الاعلام الرسمي ليؤدي دوره كاملا في هذا الاستحقاق، وليكون حاضرا في كل مفاصله من اجل تطوير عمله مستقبلا، ومن اجل فتح آفاق جديدة، ليكون اعلاما عاما وفي متناول جميع اللبنانيين ويحظى بثقتهم كما كان في السابق".
اضاف: "كما بحثنا في امور تتصل بقوانين وتشريعات اعلامية تخص الصحافيين جميعا، وتخص ايضا اصحاب المؤسسات الاعلامية، من اجل العمل معا على الخروج من هذه المحنة الخانقة التي يعاني منها الاعلام في لبنان، سواء على المستوى المهني او المادي".
وخلص القصيفي: "لأن الوقت داهم، ولأن عمر الحكومة سيكون محدودا في الزمن، اتفقنا على تكثيف الاجتماعات والاتصالات من اجل القيام بتحرك واسع في هذا الاتجاه، سوف تظهر نتائجه قريبا".